وكانت سنة ثمان في رمضان .
وسببها : أن بكرا عدت على خزاعة في مائهم " الوتير " فبيتوهم وقتلوا منهم . وكان في صلح الحديبية " أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ومن أحب أن يدخل في عقد قريش فعل " فدخلت بنو بكر في عقد قريش ، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم إن بني بكر وثبوا على خزاعة ليلا بماء يقال له الوتير ، قريبا من مكة . وأعانت قريش بني بكر بالسلاح . وقاتل معهم بعضهم مستخفيا ليلا ، حتى لجأت خزاعة إلى الحرم .
فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر لنوفل بن معاوية الديلي - وكان يومئذ قائدهم - يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك . فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم . يا بني بكر أصيبوا ثأركم . فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم . أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟
فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة . فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني أصحابه فقال
يا رب إني ناشد محمدا
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتموا ولدا وكنا والدا
ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرا أيدا
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
أبيض مثل البدر يسمو صعدا
إن سيم خسفا وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نصرت يا عمرو بن سالم " .
ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فأخبروه بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس " كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة . بعثته قريش . وقد رهبوا للذي صنعوا " .